5 دقائق قراءة
الكفائين والأداء الرياضي،
كيف يمكن للقهوة أن تجعلك أقوى!
يبحث الرياضيّون بشكلٍ متواصل، من الأوساط المُختلفة كلاعبي كمال الأجسام ورافعي أثقال وغيرهم، عن الموادّ الّتي من شأنها أن تُحسّن أدائهم بشكلٍ فعّال أكثر. لا يولي بعض الرّياضيّون أهمّيّة لهذه الموادّ سواء كانت قانونيّة أو غير قانونيّة. لذلك، فإنَّ عمليّة البحث تبقى مُستمرّة عن هذه الموادّ الّتي يمكنها أن تُعطي للرياضيّ أفضليّة على منافسيه في الرّياضة الّتي يُمارسها.
إحدى أكثر الموادّ استهلاكًا في العالم هي القهوة وتليها المشروبات الّتي تحتوي علي كافئين (المادّة الفعالة في القهوة). تُستهلك مُنتجات القهوة بطرقٍ عديدةٍ ولا تقتصر على المشروب الأسود المتعارف عليه فحسب، بل هناك ارتفاع ملحوظٌ في نسبة استهلاك مشروبات الطّاقة الّتي تحتوي على نسبة كبيرة من الكافئين. ولكونها أيضًا تحتوي على العديد من الموادّ التحفيزيّة الّتي يتناولها الرياضيّون وغيرهم على شكل حبوب أو مسحوق. تحتوي مثل هذه الموادّ على نسبةٍ مرتفعة من الكفائين.
يُنسب هذا الاقبال على مشروب القهوة لخصائصه العديدة الّتي تتضمّن بالأساس القُدرَةَ على زيادة اليقظة والتّركيز ومحاربة التعب والاجهاد. كذلك، تعمل القهوة بطريقةٍ مُعقّدةٍ جِدًّا في الجسد لتقوم بتحقيق هذا المفعول. بطبيعة الحال لن نخوض في هذا المقال القصير بتفاصيل كيميائيّة وبيوكيميائيّة وإنّما سنُركّزُ على تأثير الكفائين على القدرة الرياضيّة وتحسين الأداء وكيف يمكننا نحن الأشخاص العاديّين أن نستفيد بشكلٍ أكبر من هذا المشروب السّحريّ.
المشروب السّحريّ؟
كيف يُحسّن الكفائين من الأداء الرّياضيّ؟
سواء كنت رياضيًّا أو تمارس رياضة رفع الاثقال أو مُتسلّقٍ للجبال أو هاو في الصالة الرياضية القريبة من منزلك، فأنت تعلم جيّدًا أنّ ثمّة بعض الأيام لا تشعرُ بها بأيّ رغبة بالذهاب إلى الصالة الرياضيّة أو تنفيذ التدريب المطلوب منك! لكنّك لا تدري ما هو سبب هذا الشّعور؟ فقد حافظت في الآونة الأخيرة على نظام غذائيّ جيّد واعتنيت بنومك جيّدًا كما نصحناك! في مقال التعافي السّابق، وبالرّغم من اتّخاذك لقرارات سليمةٍ عديدةٍ ومتتاليةٍ بشكلٍ مقصودٍ! ما زلت تشعُرُ بالتّعب والارهاق قبل ممارستك لرياضتك المُفضّلة. ماذا يمكنك أن تفعل في هذه الحالة؟ الجواب هو: شُربُ القهوة.
أثبتت الدّراسات، أنَّ القهوة تحتوي على العديد من المُميّزات الّتي من شأنها أن تُحسّن أداءك الرّياضيّ، فهي تزيد من قدرة الاحتمال العضليّ، وتزيد من قدرتك على إنتاج القوّة، وتزيد من قدرتك على القيام بحركات مُعيّنةٍ بشكلٍ أسرع. بالإضافة لتحسين قُدرة القلب والرّئة (القدرة الايروبيّة) في التمارين مثل الجري والسباحة، وتحسين قدرتك الذّهنيّة على التّركيز والانتباه ومُحاربة التّعب والإرهاق العصبيّ والعضليّ وإلخ.
كل هذه الأفضليّات تعتبر قيّمَةً جدًّا لكُلّ رياضيّ بغضِّ النّظر عن مستواه الرّياضيّ أو نوع الرياضة الّتي يقوم بها. بالإضافة لخصائص القهوة الكثيرة، فهي أيضًا سهلةُ الاستخدام والتحضير ومتوفّرة بشكلٍ كبيرٍ وبأشكال عديدة. كذلك، فإنّ استخدام القهوة يُعتبر غير ممنوعٍ في الرياضات الرّسميّة المختلفة خلافًا لموادّ فعّالة أُخرى تعطي نفس النتائج والّتي تم استخدامها بالسابق مثل الكوكائين والهيرويين. في عام 1984 ، أُعلن عن الكفائين كمادة ممنوعة للاستهلاك لدى الرياضيين في رياضات عديدة من قبل (WADA World anti-doping agency )، وفي عام 2004 تم تصنيف الكفائين على أنّه "مادّة تحت الاشراف"، وتم وضع معايير لفحوصات مختلفة مثل فحوصات البول للرياضيين والّتي لا تمكنهم من الاشتراك بالمنافسات إذا تخطّت نسبة الكفائيين النّسبة المسموح بها وفقًا لقوانين المُنظّمات المُشرِفَة على المسابقات الرّسميّة.
كم؟ ومتى؟
كأيّة مادّة أُخرى، يمكننا أن نرى تأثيراتٍ مٌختلفةً لجرعاتٍ مُختلفةٍ لدى أشخاص مُختلفين، فالجُرعة المُوصى بها تختلف من شخصٍ لآخر، وذلك بناءً على: وزنه، عادات استهلاكه للقهوة، جدول عمله، وعوامل أخرى تلعب دورًا مهمًّا مثل توقيت جلسة التدريب. بشكل عام يوصي المُختصّون باستخدام 3-6 ملغرام كفائين للكيلو قبل جلسة التدريب، وذلك قُبيل30-90 دقيقة تقريبًا. مثلًا لو أنَّ شخصًا ما يزن 70 كيلو، يمكنهُ استهلاك 210 – 420 ملغرام كفائين يوميًّا، واذا اعتبرنا أن كوب واحد من القهوة يحتوي على كمّيّة كفائين تتراوح بين 90-120 ملغرام، فيمكنا القول أنّهُ من المُحبّذ استهلاك من 3 حتّى 5 أكواب قهوة يوميًّا، ومن الممكن استهلاك حتّى نصف هذه الكمّيّة ما قبل جلسة التّدريب للحصول على النتائج الّتي ذكرناها سابقًا.
كما ذكرنا، هناك اعتبارات أُخرى لتحديد كمّيّة وتوقيت استهلاك القهوة لدى الرياضيين، وأهمّها هو توقيت جلسة التّدريب، فإذا كُنتَ من مُحبّي التّدرب الليلي، أي ما بعد ساعات الغروب، فلا يمكنك تناول جرعات كبيرة من القهوة حتّى لا تُأثّر على قدرتك على النوم أو تعرّضك للأرق الليلي المُطوّل. هذا من شأنه أن يضُرّ بقدرتك على التّدرب في الأيّام اللاحقة. كما تعلمون، القُرّاء الأعزّاء، إنّ مُعظم جلسات التدريب الّتي تقومون بها بشكلٍ روتيني؛ هي جلسات ذات أهمّيّة متساويّة، لذلك، لا يجدر بكم التضحية بجلساتٍ عديدة من أجل جلسة واحدة تسحقون بها قُدرتكم على مواصلة التّدريب والمضي قدمًا.
ما هي الأضرار المُحتملة لإستهلاك الكفائين؟
أذا نظرنا الى فاعليّة الكفائين، فإنّنا نُلاحظُ أنّ مُعظم التّأثيرات النّاتجة عن من استهلاك الكفائين مبنية على تحفيز اليقضة والتركيز وإعطاء الجسم جرعة من الطاقة، ولربما هذا هو بالتّحديد المفعول الّذي نبحث عنه قُبيل جلسة التّدريب، فنحن نريد هذه الصفعة من القوّة والطّاقة لكي نستطيع القيام بالتدريب على الشكل الأفضل. بالمُقابل لذلك، فإنَّ تأثيرات وتداعيات القهوة هي تمامًا عكس ما نريده، خاصّة عندما نكون في حالة تعب وارهاق ما قبل النوم، إذ يمكن لمفعول القهوة أن يُسبّب توتّر حادّ في العديد من معايير النّوم والتّعافي. بناءً عليه، تُؤكّد العديد من الدّراسات أنّ الكفائين يحُدُّ من قدرتنا على بدء المرحلة الأولى من النوم وهي مرحلة الاسترخاء، وأيضًا يُؤثّر استهلاك الكفائين على جودة النّوم، وعلى النّوم العميق، وعلى مُدّة النّوم، وكُلّ هذا من شأنِهِ أن يُؤثّر بشكلٍ مُباشرٍ أو غير مُباشرٍ على وظائف جسديّة أُخرى مثل الشّعور بالجوع والشّبع، وتنظيم مستويات الطاقة الجسدية، والقدرة على التعافي، والقدرة على خسارة الدهون. بالإضافة للتأثيرات السيكولوجيّة العديدة، مثل الحدّ من القدرة على التّذكّر والتعلّم، لذلك يُنصح بالابتعاد عن استهلاك الكفائين في ساعات ما قبل النّوم وساعات الليل المتأخّرة.
الخلاصة
- قم باستهلاك فنجان من القهوة المُركّزة ما قبل التّمرين بساعةٍ تقريبًا للحصول على الفاعلية الأكبر.
- حاول عدم استهلاك القهوة بساعات الليل لعدم تشويش سيرورة النوم الطبيعيّة.
- حاول عدم الافراط باستهلاك القهوة نظرًا لأعراضها الجانبيّة الأُخرى.
إلى المقالة القادمة،
صالح صلاح
مُدرّب ومُمرّض مُختصّ بطبّ الطّوارئ